الموروث الروائي الشيعي والوضع

موقع الشيخ علي الجزيري يرحب بكم

جاري تحميل المحتوى . . . الرجاء الانتظار

قائمة الاقسام
عنوان السؤال: الموروث الروائي الشيعي والوضع
ابو كرار 2017/05/09 2351

هل صحيحٌ ما يقوله البعض من أن كثيراً من الموروث الروائي الشيعي من اليهود والنصارى والمجوس؟

مقتبسٌ من درس ليلة  18 رمضان 1434 هـ

رابط المقطع: https://www.youtube.com/watch?v=5SaQ1lvgH3o

 

"الكثير من موروث الشيعة .." هذه كلمة كبيرة!
لكن يوجدُ عند المسلمين عامّة:

  • رواياتٌ يعلمون أنّها صدرت من النبي صلى الله عليه وآله.
  • ورواياتٌ توجدُ حجج شرعيّة تثبت أنها صدرت من النبي صلى الله عليه وآله.
  • ورواياتٌ يطمئنون أنها صدرت من النبي صلى الله عليه وآله.
  • ورواياتٌ يشكّون أنها صدرت من النبي صلى الله عليه وآله.
  • ورواياتٌ يظنّون أنّها لم تصدر من النبي صلى الله عليه وآله.
  • ورواياتٌ يطمئنون أنها لم تصدر من النبي صلى الله عليه وآله.
  • ورواياتٌ يتيقّنون أنّها لم تصدر من النبي صلى الله عليه وآله.

كلّ هذه الأقسام من الروايات موجودةٌ عند كلّ المسلمين: الشيعة وغير الشيعة، وهذا ليس أمراً خاصاً بالشيعة، وتوجدُ روايات موضوعةٌ عندنا وتوجد رواياتٌ موضوعةٌ عند غيرنا، وهذا ليس أمراً جديداً، وما صنّف العلماء الكتب التي تُعنى بدراسة الطرق التي تميّز بها الأحاديث الصادرة من الأحاديث غير الصادرة إلا لأجل هذا، فالعلماء متنبّهون لهذا الأمر من قديم الزمان، وليس هذا أمراً حاصلاً في زمن الغيبة بل هو موجودٌ في زمن الأئمة عليهم السلام، فقد ورد عنهم عليهم السلام أنّه مامن أحد منهم عليهم السلام إلا وابتلي بكذّاب يفتري عليه، وفي كل زمان من أزمنة الأئمة عليهم السلام يوجدُ كذاب متخصص في الافتراء على هذا الإمام.

 

وكذلك الأمرُ أيضاً مع رسول الله صلى الله عليه وآله، حيثُ يوجد في زمانه وبعد زمانه كذّابون يفترون عليه، وهذا لايُسقط حجيّة السنة، ولايُوجب إلغاء كلام رسول الله صلى الله عليه وآله عن الإعتبار، لم؟ لأنّه يوجد من يفتري على رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وآله أنه قال:

"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"

وما قال هذا إلا لعلمه صلى الله عليه وآله بأنه سيأتي عليه -أو كان يُوجد- مَن يفتري الكذب عليه صلى الله عليه وآله.

فإذاً وجود روايات ضعيفة مسلّم من قديم الزمان، ووجود روايات موضوعة مسلّم من عصر النص- يعني من زمان المعصومين ومن زمان رسول الله صلى الله وآله- وإذا كان أحدٌ يجدُ أن في هذا مشكلةً فليشمّر عن ساعديه، وليعمل على هذا التراث، وليستخرج مايراهُ صحيحاً مما لايراه صحيحاً، ويبقى هذا عملاً له ينفعه يوم القيامة إن كان لوجه الله طبعاً، ويكون هذا خدمة للدين ينفعه يوم القيامة.

وسائر أهل الإسلام ينظرون في عملك،  لأنّ هذا عملٌ مبنيٌ على اجتهاد شخصٍ فأنت لست معصوماً، فهم ينظرون في عملك والاجتهاد لاينسدُّ بابهُ باجتهادك، فهذا صحيحٌ بحسب اجتهادك، و العلماءُ في زمانك ومن بعد زمانك، ينظرون إلى نتيجة عملك ويحكمون: هل هو صحيحٌ أو ليس بصحيح، وهل يوجد صحيحٌ غيره أو لا يوجد صحيح غيره.

وقد كتب علماء الشيعة على مر العصور كتباً جمعت الأحاديث الصحيحة، ومنها كتاب "الكافي"، ومنها كتاب "من لا يحضره الفقيه"، فإنّ أصحابها ألّفوها -بحسب مايظهر من مقدمة الكتاب- معتقدين صحة هذه الأحاديث، ولكنّ العلماء مِن بعدهم لم يقبلوا تصحيحهم، وقالوا هذه صحيحة عندكم، على العين والراس، أنتم اجتهدتم لكم أجركم عند الله -فالله سبحانه لايضيع عنده عمل عامل من ذكر أو أنثى- ولكنّكم لستم معصومين، ونحنُ لسنا أتباعاً لكم، أنتم مجتهدون نحن مجتهدون، أنتم لكم رأيكم، وهذا الحديث صحيحٌ عندكم، ونحن لنا رأينا هذا الحديث ننظر فيه هل هو صحيحٌ أو لا وهذه طريقة الشيعة.

وأما طريقة غيرهم فأخذوا بتصحيح البخاري ومسلم كما يأخذون بحكم المعصوم، البخاري صحّح هذا الحديث، إذا نأخذ به، لماذا تأخذون به؟! البخاري رجلٌ والمفروض أنتم رجال، البخاري مجتهدٌ والمفروض أنتم مجتهدون، وكما صحّح البخاري هذا الحديث أنتم انظروا فيما استند إليه، انظروا هل يصح هذا عندكم أو لا، وهل القواعد التي استند إليها قواعد صحيحة أو ليست بصحيحة فيكون التصحيح اجتهادياً ويكون الحكم وفق الاجتهاد.


فمن يرى أن التراث الشيعي فيه أحاديثٌ موضوعةٌ فليشمّر عن ساعد الجد وليبذل وسعه ويجتهد في تنقية هذا التراث وليُخرج لنا كتباً ينتفع بها المؤمنون، وليس هذا العمل -الذي ندعوا إليه مَن يقول إن التراث الشيعي فيه أحاديث ضعيفة أو موضوعة- ليس عملاً جديداً، وقد قلنا بأنّه توجد قبله أعمال، وكتب الشيعه التي كتبت في الفقه في بحوثٍ استدلالية نظرت في الأحاديث، ودرست صدور الحديث ودلالة الحديث وجهة صدوره، ثم حكمت على وفقه أو لم تحكم على وفقه، ونظرت فوق ذلك أنّ هذا الحديث: هل توجد له معارضات أو لا توجد، هل عمل الأصحاب به أو لم يعملوا!

 

الاستنباط ليس مثل شرب اللبن، والعلماء بذلوا جهوداً مضنيةً لسنوات طويلةٍ حتى تمكّنوا من تأسيس القواعد التي يعملوا بها، القواعد حكمها في عمل الميكانيكي حكم الأدوات، توجد مفاتيح مختلفة عند الميكانيكي أحجام مختلفة، أدوات مختلفة، قضوا سنوات طويلة في صناعة هذه الأدوات ثم بعد هذه السنوات الطويلة يبذلون جهودا مضنية في تطبيق هذه القواعد على مصاديقها والعمل بهذه الأدوات التي صنعوها في السنوات الماضية.

العلماءُ في الفقه كتبوا كثيراً ونقّحوا هذا التراث، وفي العقائد أيضا كتبوا كثيرا ونقحوا هذا التراث من أيام الشيخ الطوسي وإلى زماننا، ومن خيرة ماكتب في العقائد والمعارف كتاب الفاضل المازندراني في شرح أصول الكافي فإنه كتابٌ واسع وهو كتاب ألّف في بحث المعارف هذا جانبٌ من الجواب والجواب عن هذا يطول له مقام آخر إن شاء الله.


التالي