السؤال: أيهما أفضل: قول ( يا علي ) أم قول ( يا الله)؟
مقطعٌ مقتبسٌ من لشيخ علي الجزيري: اعتكاف مسجد الإمام الهادي "عليه السلام" بالجبيل ليلة 24 من شهر رمضان 1439 هـ - الموافق 8 يونيو 2018م
الرابط: https://youtu.be/EfG0KUnW3u4
مشروعية قول يا علي:
أولاً: يجب أن نسأل: هل قولك (يا علي) مشروعٌ أم غير مشروع؟
إن كنت تقصد أن عليا يُعينك بقوة نفسه -وهذا طبعا لا يوجد في المجتمع المسلم- ولكننا نفرض هذا الفرض لوجود المشاغبات، توجد مشاغبات تثار على المسلمين فنحن نفرض هذا الفرض لِتُرفع الشبة من عقول المشاغبين.
قولك (يا علي) إن كنت تقصد أن عليا يعينك بقوة نفسه، فهذا شركٌ؛ لأنك إن كنت تعتقد أن لعلي عليه السلام القوة على إعانة نفسه ليس على إعانتك، إن كنت تعتقد أن عليا يقدر أن يحرك يده من قوة نفسه من غير قوة الله فأنت مشرك، ليس اعتقادك فقط أنه يعينك شرك، بل اعتقادك أنه قادر على إعانة نفسه شرك، إن كنت تعتقد أن علياً عليه السلام يقدر أن يفتح عينيه من غير قوة الله فهذا شركٌ.
وأما إذا كنت تعتقد أن عليا عليه السلام قادر أن يعينك بتمكين الله وبإذن الله، فهذا ليس شركا، اعتقادك أن الله سبحانه مكن عليا من إعانتك هذا ليس شركا .
هل مكّن الله علياً أن يعينك أم لا ؟
هذا لن نبحث فيه؛ لأنه ليس من شرط الاستعانة أن تعلم أن الله مكّن هذا الشخص أن يعينك. فإذا تعرض شخصٌ ما للغرق مثلا، أو تعرضت السفن والطائرات لحوادث، ألا يطلبون نداء استغاثة؟!!
ألا يستعينُ المريض بالطبيب؟ يوجهُ نداء استغاثة للطبيب.
هل من شرط جواز الاستعانة بأحدٍ من العباد أن تعلم أنه قادر على إعانتك؟ يعني إذا كنت لا تدري أنه يتمكن أم لا يتمكن، لا يجوز يكون شركا ، فلو أنك مثلا يوجد عندك كيسٌ من الأسمنت، وطلبت من عامل أن يرفعه وأنت لا تدري هذا العامل قادر على رفع كيس الأسمنت أم لا يقدر على ذلك، فهل يُقال لك أنت مشرك؟!! لماذا ؟ لأنك طلبت من أحد أن يعينك في شيء لا تدري أن الله مكنه أم لا.
هذا ليس شرطا ، وليس من شرط جواز الاستعانة أن تعلم أن الذي تستعين به قد مكنه الله.
الاستعانة بين التعبّد والتوصّل:
فإذا إذا كنت تستعين بعلي معتقدا أن الله مكنه أن يعينك، فلابد أن نبحث أن الاستعانة بعلي هل تأتي بها على وجه التعبد أم على وجه التوصل؟
أنت تطلب من أخيك مثلا أن يرفع معك الكرسي، طلب الاستعانة هنا هل هو على وجه التعبد ؟ ليس على وجه التعبد، هذا على وجه التوصل. فتارة نقول قولك (يا علي) تقوله على وجه التوصل. هب أنّ رجلاً ذهب في الصحراء وانقطعت به السبل، وهو يعتقد أن الله مكن علي ابن أبي طالب عليه السلام من أن يعينه فينادي (يا علي)، ليس من جهة التعبد، بل يريد أن يخلص من هذه المشكلة، مثل أن يرى سيارة تمر فيرفع يده يشير إليها لتقف ليس من باب التعبد، يريد أن يحصل المصلحة التي يسعى لها والوصول إلى هذه الغاية أي النجاة، فإذا تارة تقصد بذلك التوصل، فلا محل للسؤال أيهما أفضل: قول (يا الله) الذي أقوله على جهة التعبد وقول (يا علي) الذي أقوله على جهة التوصل، هذا مثل أن تقول ما هو الفرق من رفع يدي للتكبيرة للصلاة وبين حركة يدي وأنا أتكلم الآن ؟ ذاك عمل أتى به للتعبد وهذا عمل أتى به للتوصل لمشاغلتك أو لفت نظرك صوبي.
إذاً يوجد فرق بين العملين: هذا تعبد وهذا توصل، فتارة يكون قولك (يا علي) على وجه التوصل فلا مجال للمقارنة، وتارة يكون قولك (يا علي) على وجه التعبد، وهذا هو الذي يصلح أن يُسأل عنه، أنه أيهما أفضل أن أقول (يا الله) على جهة التعبد، أم أقول (يا علي) على جهة التعبد؟
والجواب عن هذا: إنما يُسأل عن الأفضل عندما لا أتمكن من الجمع بين عبادتين، إذا لم أتمكن من الجمع لا أتمكن من الجمع بين قول (سبحان الله) و(الحمد لله)، أسأل أيهما أفضل؟ ولكن هذا السائل لم يسأل أيهما أفضل أن تقول (سبحان الله) أم أن تقول (الحمد لله)، أيهما أفضل: أن تقول (سبحان الله) أم أن تسلم على علي عليه السلام؟ لم يسأل عن هذا، بل يسأل أيهما أفضل أن تقول (يا الله) أم تقول (يا علي)؛ لأنه يريد المشاغبة عليك بإيهامك بأن هذا العمل شركي، وأما لو أنه أنسد عليه باب المشاغبة فلا يعنيه حينئذ أيهما أكثر ثواباً بعد أن سددت عليه الطريق، وقلت أن هذا العمل ليس فيه شائبة الشرك، بل هذا العمل -اعتقاد عدم تمكن علي عليه السلام من إعانتي بتمكين الله- هو الكفر ، ليس شركا بل كفر؛ لأن معناه أن الله لا يقدر أن يمكن علي أن يعينني.
هل الاعتقاد بأن الله لا يقدر أن يمكن علي من إعانتي يوافق التوحيد ؟ ليس من التوحيد في شيء. ولكننا لا نقول من قال هذه المقالة فهو كافر؛ لأن هذه المقالة مستلزمة للكفر، والمقالة المستلزمة للكفر قائلها لا يُحكم بكفره إلا بشرط: أن يكون مُلتفتاً إلى الملازمة، ومُعتقداً بالملازمة، فحينئذ يثبت له هذا الحكم. أما إذا كان غافلا عن الملازمة لجهله ، لا يدري أن هذا القول يستلزم نفي قدرة الله ، لا يدري أن هذه الملازمة ثابتة . هذا لا يُحكم عليه بالكفر.
فإذا السؤال: أيهما أكثر ثوابا العبادة بمناداة الله سبحانه أم العبادة بمناداة علي عليه السلام ؟
نقول: لا محذور من الجمع بين العبادتين، ولا يوجد ملزم بترك إحدى العبادتين لكي تقول : يدور الأمر بين هذه وبين تلك، وأنا أريد أن أختار واحدة منهما فأيهما أفضل .
التوصل : يعني تحصيل الغاية والهدف والمنفعة من هذا النداء.
فتارة يكون هذا هو المطلوب، مثل من يقرأ مثلا بعض الأذكار لأجل ما فيها من الآثار. الاستغفار من موجبات زيادة الرزق ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام ذلك، ويمكن أخذه من القرآن الكريم: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ).
يمكن أخذه أيضا من هذه الآية وهو مروي عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وتارة أستغفر لأجل تحصيل المال، ليس أن الله يحب الاستغفار، بل لأجل المال، الاستغفار يجلب المال، أنا لا أفكر في رضا الله ولا أفكر في الجنة، أريد المال. فأكثر الاستغفار لأجل المال، هنا يُقال الغرض من الاستغفار هو التوصل، الوصول إلى الغاية والهدف والأثر المترتب على الاستغفار.