لماذا لم يذكر اسم الإمام علي (ع) في القرآن؟

موقع الشيخ علي الجزيري يرحب بكم

جاري تحميل المحتوى . . . الرجاء الانتظار

قائمة الاقسام
عنوان السؤال: لماذا لم يذكر اسم الإمام علي (ع) في القرآن؟
ابو كرار 2019/01/24 3424

إذا كان علي بن أبي طالب (ع) إمامًا من عند الله، فلماذا لم يُذكر اسمه في القرآن؟

رابطُ السؤال والجواب: https://youtu.be/QIM0NkQWcFA

 

لطالما وَجَّهَ بعضُ الناسِ للشيعة السؤال التالي: إذا كان علي بن أبي طالب (ع) إمامًا من عند الله، فلماذا لم يُذكر اسمه في القرآن؟ وهذا السؤال واهٍ للغاية وضعيفٌ للنهاية، ولنا في الجواب عنه وجوهٌ، ولعل بعضها يحتاجُ إلى شرحٍ وايضاح، ولكني سوف أُجملها وللإيضاح مقامٌ آخر، فنقول:

أولًا: هذا سؤالٌ عن فعل الله، والله لا يُسأل عما يفعل قال تعالى: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ).

ثانيًا: أين الدليلُ على أن مَنْ لم يُذكر اسمهُ في القرآن الكريم فلم يجعله الله إمامًا، فهل أنزل الله آيةً في القرآن قال فيها أنّ من لم يذكر اسمه في القرآن فليس بإمامٍ؟! وهل قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك؟! (قلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) فاشتراط الذكر في القرآن لا دليل عليه.

ثالثًا: بيانُ رسول الله صلى الله عليه وآله يكفي، وكل حكمٍ بيّنهُ رسول الله صلى الله عليه وآله فقد قامت عليه الحجّة وإن لم تنزل فيه آيةٌ قرآنية، والسؤال الموجه للشيعة مبنيٌ على إسقاط كلام رسول الله صلى الله عليه وآله عن الحجيّة، ومعناه: "يا رسول الله بيانك لا يكفي، وتنصيبك لعلي عليه السلام إمامًا لا نقبله، فأنزل علينا آيةً قُرآنية"، هذا مآل هذا السؤال، قال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وقال سبحانه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) وقال سبحانه: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُوَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، وقال سبحانه: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)، وقال سبحانه: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا)، وقال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا). فقد دلت هذه الآيات على أنّ بيان رسول الله صلى الله عليه وآله يكفي وأنه لا يشترطُ في قيام الحجّة على الشيء أن يُذكر في القرآن الكريم.

رابعًا: إن زعمكم إن خلو القرآن الكريم عن اسم علي عليه السلام ينفي إمامته يلزمُ منه أن يكون خلو القرآن الكريم عن اسم بعض الأنبياء نافيًا لنبوتهم، ونحنُ نعلمُ أن القرآن الكريم لم تُذكر فيه أسماءُ جميع الأنبياء، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ).


خامسًا:
إذا كان ذكر الاسم في القرآن الكريم هو مدار الفضل، فقد ذُكر اسم موسى عليه السلام مئةً وست وعشرين مرة في القرآن الكريم، وما ذُكِرَ اسمُ رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أربع مرات، فانظروا ماذا يلزمُ من مقالتكم.


سادسًا:
إن هذا السؤال ينقلبُ عليكم، فإن القرآن الكريم لم يُذكر فيه اسم أبي بكرٍ ولا عُمر ولا عُثمان.


سابعًا:
إن كان ذكر الاسم في القرآن الكريم هو الكاشفُ عن الفضل، فقد ذُكر اسم زيد بن حارثة ولم يذكر اسم أبي بكر ولا عمر، قال تعالى: (فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا).


ثامنًا:
لعل قائلا يقول: "إننا نستدل بدلالة السكوت، فلمّا لم يكن في القرآن الكريم اسم علي عليه السلام دلّ ذلك على أنه لم يكن إماماً"، قُلنا: لم يقل أحدٌ من علماء الاسلام إنه يكفي في السكوت عدم ورود البيان في القرآن الكريم، بل لا بدّ في تحقق السكوت من عدم الذكر في القرآن وعدم بيان رسول الله صلى الله عليه وآله، ولو تحقّق السكوت بعدم الذكر في القرآن الكريم، لتحقق السكوتُ في كيفيّة الصلاة والزكاة وغيرها، فإنه لم يُذكر في القرآن الكريم أن صلاة الصبح تُصلّى ركعتين، وصلاة المغرب ثلاثاً، والعشاء والظهرين أربعاً، ولم يُذكر في القرآن الكريم نصابُ الزكاة.

تاسعًا: قد سبقهم بهذا السؤال أقوامٌ وقد أخبرنا الله تعالى عن مسألتهم وأجاب عنها، قال تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ)، وقال تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ، أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، وقال تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ  إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ  وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)، وقال تعالى: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنـزلَ عَلَيْهِ كَنـز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)، وقال تعالى: (يَقُولُونَ لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ  فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ)، وقال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).

عاشراً: لعلّ وجه الحكمة في عدم ذكر اسم علي عليه السلام في القرآن الكريم هو الابتلاء، ولكي ينجز الله وعده للنار، إن الله لا يُخلفُ الميعاد، قال تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، وقال تعالى: (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ  النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا  وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) وقال تعالى: (وَعْدَ اللَّهِ  لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).

والحمد لله رب العالمين.


التالي السابق