كلمة حفل ميلاد الصادقين عليهما السلام || 17 شهر ربيع الأول 1440 هـ || قرية بني معن

موقع الشيخ علي الجزيري يرحب بكم

جاري تحميل المحتوى . . . الرجاء الانتظار

قائمة الاقسام

كلمة حفل ميلاد الصادقين عليهما السلام || 17 شهر ربيع الأول 1440 هـ || قرية بني معن

2020/10/30 1401

سماحة الشيخ علي الجزيري || كلمة حفل ميلاد الصادقين عليهما السلام || ليلة الأحد 17 شهر ربيع الأول 1440 هـ || قرية بني معن-الحسينية الحيدرية.

تقرير الدكتور محمد الدريسي

اليوتيوب: https://youtu.be/o31ioq-NPmY

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعداءهم إلى قيام يوم الدين.

السبيلُ لمعرفة وصف رسول الله صلى الله عليه وآله:

الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديثٌ لا يتيسر إلا لمن له مَعْرِفَةٌ بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله؛ لأن الوصف إنما يصحّ بعد معرفة الموصوف، ومَنْ مِنَ البشر أو من الملائكة يقدرُ على وصف رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وهل يوجدُ من يعرف قدر رسول الله صلى الله عليه وآله من الخلق غير عليٍّ عليه السلام؟ أميرُ المؤمنين عليه السلام هو الذي يقدر على صفته، وأمّا نحن فليس لنا إلا النظر فيما جاء في بيانات الشرع الشريف من الآيات والروايات التي تُبَيّنُ عُلو مقامه صلى الله عليه وآله. 

كلمة الماتريدي حول مناسبة نزول آية قرآنية:
الآيات القرآنية التي تبيّن علو مرتبته آياتٌ كثيرةٌ، والروايات رواياتٌ تتجاوز حد التواتر ودلالاتها تحار فيها العقول، ولكننا سنتحدث عن دلالة آية واحدةٍ فقط، آيةٌ يقف فيها كميت الفكر، ويحار فيها كبار العلماء، ونحنُ قاصرون عن معرفة كنه ما جاء في هذه الآية، ولكننا نسعى بمقدار ما أوتينا من المعرفة للتدبر في هذه الآية.

مناسبة هذه الآية ينقلها إمام الماتريدية من أهل السنة في تفسيره تأويل أهل السنة، الماتريدي إمام المذهب الماتريدي المتوفي سنة 333 للهجرة، الماتريدي يقول إن أهل التأويل -أي المشتغلين بتفسير القرآن- كابن عباس وغيره نقلوا أن سبب نزول هذه الآية هو: إن خصومةً وقعت بين علي بن أبي طالب وعثمان (يقول الماتريدي) رضي الله عنه، ورغم أنّه ذكر اثنين لكنه ترضّى عن واحدٍ! على كل حالٍ، فإن علي بن أبي طالب عليه السلام ليس محتاجاً للماتريدي ليدعو له برضا الله! ترضّى على عليٍّ أم لم يترضّ عنه سيان عند الله، على أي حال هو مسؤول بهذا ونحن ننقل عبارته بلفظها، ليطيب خاطر أصحابه، بين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى أبيه وعلى أبنائه الطاهرين، بين علي بن أبي طالب وعثمان، يقول الماتريدي: (رضي الله عنه)، فذهب عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وشكى عليًّا، فحكم رسول الله صلى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام في هذه الخصومة، وكانت على أرضٍ، وألزم الأرض عليًّا.

يقول الماتريدي -إمام أهل السنة-: إن عثمان وأصحابه لمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بخلاف مقصودهم، قال أصحابه له إنه ابن عمه، هكذا يقال في رسول الله صلى الله عليه وآله، أي: إنه ابن عمه قضى له محاباةً، وقدمه عليك؛ لأنه يقدم ابن عمه!!

هذا الذي يقول فيه الله سبحانه: (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [سورة النجم]، يقولون إنه حكم محاباةً لابن عمه!!
سنكمل تعليقة الماتريدي، يقول الماتريدي بعد أن ذكر هذه الرواية عن أهل التأويل ابن عباس الصحابي المعروف المشتهر بصفته حبر الأمة، بعد أن نقل الماتريدي كلام أهل التأويل ابن عباس وغيره، تعقب ابن عباس، قال: وهو بعيدٌ (نقرأ لفظه) -لماذا بعيد يا ماتريدي؟ قال لأن عثمان وأصحابه لا يقولون هذا في رسول الله صلى الله عليه وآله، الرواية ليست شيعيةً، الرواية روايتهم، وهذه الرواية تحكي قول ابن عباس، وابن عباس صحابيٌّ عندكم، وهو الذي قال هذا- لكن سنقرأ عبارة الماتريدي؛ لأن لنا عليه تعليقًا، قال: "قال بعض أهل التأويل ابن عباسٍ وغيره، إنه وقعت بين علي بن أبي طالب وبين عثمان رضي الله عنه خصومةٌ في أرض اشتراها عثمان من علي، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في تلك وقضى لعلي على عثمان وألزمه الأرض، فقال قوم لعثمان: إنه ابن عمه وأكرم عليه، أكرم عليه منك، فقضى عليك له، أو نحو هذا".

وهذه كنت أريدها بلفظها حتى لا يتوهم السامع أني أنا المتردد في العبارة التي حكاها الماتريدي، لماذا يقول الماتريدي "أو نحو هذا
لأن العبارة في رسول الله صلى الله عليه وآله عبارةٌ جارحةٌ، بحيث أن الماتريدي استحيى أن ينقل كلامهم، فقال "أو نحو هذا"، يعني قالوا علي بن أبي طالب ابن عمه أكرم عليه أو نحو أو قالوا شيئًا من هذا، مثل تلك الكلمة في رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الخميس، ماذا قالوا؟ فقال رجلٌ وينقلون كلامًا لا يبينونه، لماذا؟ فرارًا من إلزام الشيعة، ولو أن الشيعة سكتوا عن هذه الكلمات التي في القدح في رسول الله صلى الله عليه وآله وفي التطاول عليه، لمدوا بذلك ألسنتهم ولمدوا أقدامهم في هذا الميدان، قال: "أو نحو هذا من الكلام" لا يريد أن ينقله، فنسب  في قوم عثمان ذلك، لاحظوا تركيزه على قوم عثمان، ولكن في التعليق قال: "لكنّه بعيد"، هو ينقله، يقول: "قال بعض أهل التأويل ابن عباس" بصيغة الجزم يقول هذا قول ابن عباس، يعني ثابتٌ عنه بيقين، ثابتٌ عن ابن عباس عند الماتريدي أن ابن عباس قال: إن سبب نزول هذه الآية هذه الخصومة، ومع ذلك يقول: "هذا بعيد"، لماذا؟ لاحظوا "إذ لا يحتمل أن يكون عثمان أو قومه" لا تعليق عندنا، ليس عندي تعليق، وأردت فقط أن أنقل تعليقه، "إذ لا يحتمل أن يكون عثمان أو قومه يخطر ببالهم في رسول الله صلى الله عليه وآله ما ذكر" طبعًا هو لم ينقل ما ذكر، وأنا أشكره على أنه استحيى أن ينقل ما قالوه من الجرأة على رسول الله صلى الله عليه وآله، هذا سبب نزول هذه الآية.


آيةٌ في بيان مقام رسول الله صلى الله عليه وآله يحارُ فيها العقل:
 إلى الآن لم نقُل  ما هذه الآية التي يحار العقل في بيانها لمقام رسول الله صلى الله عليه وآله، ولست أدري ولعلها أعظم آيات القرآن الكريم دلالةً على علوُّ مقام رسول الله صلى الله عليه وآله، قال الله تعالى في قومٍ تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يرضوا حكمه "أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ"[سورة النور]

الذين اتهموا رسول الله صلى الله عليه وآله بالظلم، هؤلاء لماذا يتهمونه بالظلم؟ "أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ؟"
عنوان الذين في قلوبهم مرض عنوان موجودٌ في القرآن الكريم، الذي يتحدث عن فرقة تظهر الإسلام غير المنافقين، هذه الفرقة موجودة من مكة، ليست طارئة على المجتمع الإسلام بعد أن صارت للمسلمين دولة، بل من أيام مكة كان يوجد فريقٌ من الناس في قلوبهم مرض، والسيد الطباطبائي -رحمه الله- صاحب الميزان يفسر الذين في قلوبهم مرض بضعيفي الإيمان، هل هذا التفسير مقبول أم غير مقبول نحن لا نتكلم في هذا، لكن أصل هذه الفرقة (فرقة الذين في قلوبهم مرض) موجودة في المجتمع الإسلامي منذ أيام مكة، "أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا" يشكون في حكم رسول الله صلى الله عليه وآله، أو في أنه رسول من الله، "أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ" اسناد شيءٍ إلى الله ورسوله ليس خاصًا بهذه الآية، هذا الاسناد ملاحظٌ في جملة كثيرة من الآيات، والإمام الرضا صلوات الله وسلامه عليه نبّه على هذه الدلالة التي في جملة من آيات القرآن الكريم، حيث جعل الله سبحانه طاعة رسوله طاعةً له.

هل هذا كل شيء؟ لا؛ سأنقل لكم الحديث عن الإمام الرضا عليه السلام.

أبوالصلت الهروي يسأل الإمام الرضا (ع) عن حديثين عند أهل الحديث:

أبو الصلت الهروي معاصرٌ للإمام الرضا عليه السلام، هذه الرواية رواية معتبرة جاء إلى الإمام الرضا عليه السلام يسأله عن حديثين عند أهل الحديث (هذان الحديثان منشوران مشتهران عند أهل الحديث) ([1])، الحديث الأول فيه إن المؤمنين يزورون الله سبحانه من منازلهم في الجنة، أبو الصلت الهروي جاء للإمام الرضا عليه السلام يريد أن يسأله عن هذا الحديث، هل هذا الحديث صحيح؟ كيف يزار الله؟ ويُزار مِن/ يزره أهل الجنة مِن منازلهم هل هذا شيءٌ افتراه أهل الحديث أم هو حقٌّ؟

هذا هو الحديث الأول الذي يسأل عنه أبو الصلت الهروي الإمام الرضا صلوات الله وسلامه عليه.

والحديث الثاني فيه، أيضًا يرويه أهل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن ثواب لا إله إلا الله هو أن تنظر إلى وجه الله، هذا أيضًا حديث يوريه أهل الحديث، أبو الصلت الهروي يقول: يا بن رسول الله أفتنِ في هذين الحديثين، حقٌّ أم باطلٌ؟ إذا كان الحديثان حقًّا فسر لي هذين الحديثين، معناهما لا يقبله العقل، يزار الله! كيف يزار الله؟! ينظر إلى وجه الله! كيف ينظر إلى وجه الله؟! الله ليس بجسم حتى يزار، وحتى ينظر إلى وجهه، أجابه الإمام الرضا عليه السلام: أمّا عن الحديث الأول، مفاد جواب الإمام الرضا عليه السلام إن هذا الحديث حقٌّ، ولكن معناه ليس ما ذهب إليه وهمك، ما هو معناه؟ قال له الإمام الرضا عليه السلام معناه، أقول مفاد جواب الإمام الرضا عليه السلام حتى لا يصعب عليكم تلقي ما أراده الإمام الرضا عليه السلام، قال له الإمام الرضا عليه السلام معناه إن المؤمنين يوم القيامة يزورون من منازلهم رسول الله صلى الله عليه وآله في منزلته.
إذًا نحتاج إلى أمرين: كيف أن الحديث يقول يزورون الله وأنت تقول يزورون رسول الله صلى الله عليه وآله؟ هذا واحد، هذا سؤال.


السؤال الثاني: الحديث يقول يزورون رسول الله صلى الله عليه وآله من منازلهم، لماذا لا يذهبون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في منزلته؟ فهذان سؤالان، الإمام الرضا عليه السلام أجاب عن السؤالين اللذين يخصان هذا الحديث، وما نبغيه في جواب أحد السؤالين؛ أما السؤال الأول الحديث يقول يزورون الله وأنت فسرتها في يزورون رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يا بن رسول الله؟

أجابه الإمام الرضا عليه السلام: إن الله جعل طاعة رسوله طاعتَه، أين؟ قال الله تعالى "مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ" [سورة النساء]، وجعل مبايعة رسول الله مبايعتَه جلَّ وعلا، فقال: "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ" [سورة الفتح]، فبيعة الرسول بيعة الله، وجعل زيارة رسول الله في الدنيا والآخرة وزيارتَه، فمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا فقد زار الله، الله ليس بجسم ولا يزار ولكن الله جعل زيارة الرسول زيارتَه، هذا هو الجواب عن السؤال الأول. 

وأمّا السؤال الثاني: لماذا يزورون رسول الله من منازلهم؟ لماذا لا يذهبون إلى بيت رسول الله ويزورونه إلى منزلة رسول الله في الجنة؟
أجابه الإمام الرضا عليه السلام قال: لأن منزلة رسول الله هي أعلى المنازل في الجنة، لا يتمكنون أن يرقوا إلى تلك المنزلة، ولكن الله سبحانه فتح لهم باب الخير فمكنهم من أن ينالوا شرف زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله بأن يزوروه من منازلهم في الجنة، فهنيئًا للمؤمنين الذين يتشوفون بزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا من بيته أو من بيوتهم، فهذا حال أهل الجنة، لا نفرط في هذه الخصيصة والفضيلة العظيمة؛ بيان الإمام الرضا عليه السلام هذا يفتح لنا بابًا في الآيات القرآنية الكثيرة التي بينت أن أمر رسول الله هو أمر الله، وأن طاعة رسول الله هي طاعة الله، وأن عطاء رسول الله عطاء الله، وأن فضل رسول الله فضل الله، الآيات في ذلك كثيرة، أشرنا إليها فقط، تحدثنا عنها في مناسبة بنحوٍ مفصل، ولعلنا نتحدث في مقام آخر عنها إن شاء الله بالتفصيل، هذا على الإجمال؛ إذًا ما الذي يميز هذه الآية؟

لماذا قلنا لعلها أعظم آيات القرآن دلالة على فضل رسول الله صلى الله عليه وآله؟
الجواب: هذه الآية ليس فيها إسناد الحيف الذي يظنه المنافقون والذين في قلوبهم مرض لرسول الله صلى الله عليه وآله إلى الله تعالى وحسب مثل "مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ" هذه الدلالة ثابتة فيها، ولكن توجد دلالة يحار فيها العقل، هذه الآية إنكارية، هذا سؤال " أَمْ يَخَافُونَ" سؤال، هل السؤال من الله سبحانه على حقيقته لطلب المعرفة؟! الله سبحانه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، إذًا السؤال ليس على سبيل الاستعلام، جلَّ الله سبحانه عن أن تخفى عليه ضمائرهم، فالسؤال إذًا للإنكار توبيخًا لهم وتقريعًا، ولكن كيف جاء هذا الإنكار؟ "أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ"، تأملوا في الآية إنها جعلت نزاهة رسول الله صلى الله عليه وآله عن الظلم ونزاهة الله عن الظلم شيئًا واحدًا؛ كيف للعقل أن يفهم مقام رسول الله صلى الله عليه وآله؟!

والحمد لله رب العالمين.

 

[1]  روى الشيخ الصدوق رحمه الله  في الأمالي:حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لعلي ابن موسى الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة.

فقال (عليه السلام): يا أبا الصلت، إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته، ومتابعته متابعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال عز وجل: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾، وقال: ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم﴾، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله جل جلاله. ودرجة النبي (صلى الله عليه وآله) في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله، فقد زار الله تبارك وتعالى.

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فما معنى الخبر الذي رووه: أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟

فقال (عليه السلام): يا أبا الصلت، من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله أنبياءه ورسله وحججه (صلوات الله عليهم)، هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفة، وقال الله عز وجل: ﴿كل من عليها فإن * ويبقى وجه ربك﴾ ، وقال عز وجل: ﴿كل شئ هالك إلا وجهه﴾ فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه (عليهم السلام) في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة.

وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): من أبغض أهل بيتي وعترتي، لم يرني ولم أره يوم القيامة. وقال (عليه السلام): إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني.

يا أبا الصلت، إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان، ولا يدرك الابصار والأوهام.

قال: فقلت له يا بن رسول الله، فأخبرني عن الجنة والنار، أهما اليوم مخلوقتان؟
فقال: نعم، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد دخل الجنة ورأى النار لما عرج به إلى السماء.

قال: فقلت له: فإن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقين؟

فقال (عليه السلام): ما أولئك منا ولا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي (صلى الله عليه وآله) وكذبنا، وليس من ولايتنا على شئ، وخلد في نار جهنم، قال الله عز وجل: ﴿هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن﴾، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل (عليه السلام) فأدخلني الجنة، فناولني من رطبها فأكلته، فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة.

الأمالي للشيخ الصدوق رحمه الله،  محمد بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي، الطبعة: الأولى 1417 ه‍، تحقيق قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة،ص  546

 


التالي السابق