لماذا لا تدعون الله مباشرة فهو أقرب إلينا من حبل الوريد وتلجؤون إلى الوسائل والوسائط؟
تاريخ المقطع: 13 ذو القعدة 1434 هـ - 20 سبتمبر 2013م
الجواب:
أمّا القول بأن الله قريب يُجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وبأنّ الدعاء أمرٌ مأمورٌ به، فهذا حقٌ، فالدعاءُ مستحبٌ، بل الدعاء هو العبادة، وهو مخُّ العبادة، هو والله العبادة!
أي شيء أعظم من الدعاء؟
الدعاء أمرٌ مطلوبٌ طلباً شديداً والشيعةُ (أنار الله برهانهم) أكثرُ طوائف الإسلام عملاً بالدعاء .
مَن من المسلمين عنده دعاء كدعاء أبي حمزة الثمالي؟ لا يوجد.
مَن من المسلمين عنده دعاءٌ كدعاء كميل؟ (وهو دعاء الخضر الذي علمه أمير المؤمنين عليه السلام لكميل).
مَنْ من المسلمين عنده دعاءٌ كدعاء الصباح ؟
مَنْ من المسلمين عندهُ دعاءٌ كدعاء عرفة ؟ لا يوجد.
إذاً ثقافة كثرة الدعاء والإلحاح في الدعاء ثقافةٌ شيعيّةٌ، إذا أردنا أن نتعامل بهذه اللغة، وهذه الثقافة عند الشيعة أكثرُ بروزاً وظهوراً منها عند غيرهم، ولكنّ إن الله سبحانه يُحب أن تعبده كما يريد لا كما تريد، فالأمرُ ليس متروكاً لك لتختار، لأَنّك إذا أردت أن تعبد الله كما تريد تصبحُ مثل إبليس. ابليس لم يكن مُنكرا لله سبحانه- لم يكن كافرا بالله - وابليس لعله أعرف بالله سبحانه من كثيرٍ من المسلمين، لاحظوا قسمه: (فبعزتك)، لم يُقسِم ابليسُ بحياته أو حياة أمّه كما يفعلُ كثيرٌ من المسلمين ، بل أقسم بعزّة الله، إذاً هو يُؤمنُ بالله ويُؤمن بعزّة الله.
مالذي رفضه إبليس؟ رفض السجود لآدم عليه السلام. إذاً ابليس لم يرفض السجود لله ، ولكنّهُ أراد أن يُوحّد الله بالطريقة التي يُريد،و لسانُ حاله: أنا لا أسجدُ إلا لك، من هذا الذي أسجد له؟ آدم؟!
(أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) الأعراف: الآية 12
على أي حال، فإذاً هو رفض السجود لآدم، وأراد أن يعبد الله بالطريقة التي هو يقبلها، إذاً الذي يمتنع من التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله حالهُ حال إبليس، فلسانُ حاله: أنا لا أريد أن أذهب إلى رسولك ، والله يقول: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ) أي يجب أن يذهبوا إليك، قال (جَاؤُوكُ) قبل أن يقول (فاستغفروا الله) حتى قبل الاستغفار. أوّل عملٍ تعمله إذا أردت التوبة -لكي تحصل على توبة الله عليك- هو أن تذهب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فإذاً هذا أدب القرآن، والله سبحانه أرادنا أن نعبدهُ كما يريد هو، وقد جعل لنا باب حطّة -كما لبني اسرائيل باب حطّة - لا يُغْفَرُ لهم إلا أن يدخلوا الباب ويقولوا (حطّة)، هذا شرط الله. أنت عبدٌ أو رب ؟ اختار واحداً من اثنين، إذا كنت عبداً فيجب أن تلتزم بقوانين ربكَ، وربّك قال: تدخل من الباب، إذاً يجب عليك أن تدخل من الباب، قل: حطة تقول حطة، لا تقول أستغفرك اللهم، تقول حطة، هكذا أوجب عليك. قال لك أنت من هذه الأمة المرحومة، وقال لك إذا أذنبت تأتي إلى رسول الله جَاؤُوك فاستغفروا الله.
إذاً التوسّل لا يُنافي الدعاء، والدعاء مطلوبٌ محبوبٌ له فضلٌ عظيمٌ وهو موجودٌ في مدرسة أهل البيت عليهم السلام أكثر مما هو موجودٌ في غيرها من المدارس، وأمّا التوسّل فلأنه إلتزامٌ بالأدب الذي أدبنا اللهُ به، وهو أن نذهب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ونخضع له، فهو أدبٌ ديني لا يتعارض مع ذلك الأدب.
➖➖➖➖➖➖
https://youtu.be/kPFDmWB9fpQ