هل تثبت العصمة عند الشيعة لغير المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام؟

موقع الشيخ علي الجزيري يرحب بكم

جاري تحميل المحتوى . . . الرجاء الانتظار

قائمة الاقسام
عنوان السؤال: هل تثبت العصمة عند الشيعة لغير المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام؟
ابو كرار 2018/07/15 1018

 هل تثبت العصمة عند الشيعة لغير المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام؟

مقطعٌ مقتبسٌ من الجلسة الحوارية المفتوحة مع الشيخ علي الجزيري | المطيرفي | 10 شعبان 1439هـ 

الرابط: https://youtu.be/2CvWZPbBEhE

أما سؤالكم عن العصمة ولمن تثبت، فقبل أن نبين ما نعتقده، أي ما تعتقده الشيعة في هذه المسألة، ينبغي أن يُعلم أن عقيدة الشيعة الإمامية أنار الله برهانهم ليست عقيدة باطنية، ينقلها الأب لولده سراً، ولا يطْلع عليها أحدا! عقيدتنا عقيدة مُعْلنة مُبينة، والشيعة على مرِّ العصور لهم متون عقدية كما يوجد لبعض الفرق الإسلامية متون عقدية. الشيعة أيضا على مرِّ العصور توجد لهم متون عقدية، كتب مؤلفة في بيان العقيدة، فعقيدتنا ليست عقيدة باطنية .

 
ومن هذه المتون: كتاب (اعتقاداتنا) للصدوق رحمه الله، ومن هذه المتون (تصحيح الاعتقاد) للشيخ المفيد رحمه الله، ومن هذه المتون (الإقتصاد في بيان الاعتقاد)، ومن هذه المتون المتن الشهير الذي شرحه الشيعة والسنة (تجريد الاعتقاد) للخاجة نصير الدين الطوسي مفخرة البشر، ومن هذه المتون الإعتقادية (شرح الباب الحادي عشر)، وهذا الكتاب شُرِح شروحا كثيرة، كما أنّ تجريد الاعتقاد شرحه الشيعة والسنة؛ لأنه من المتون المتقنة وكاتبه من لا يُشقُ له غبار ومن يُذعن له الناس في جميع الأعصار والأمصار، إلا من كان مكابرا ومكابرته تفضحه. كما أن هذا الكتاب له شروحا متعددة ، فكذلك (الباب الحادي عشر) أيضا له شروح متعددة، وإلى زماننا هذا توجد شروحٌ لتجريد الاعتقاد، وتوجد شروحٌ للباب الحادي عشر إلى يومنا هذا لا يزال العلماء يكتبون شروحا لهذين المتنين .

إذا معتقداتنا مُبينةٌ منصوصة في متون عقدية، وفي كتبٍ صُنّفت لبيان عقيدتنا، فليست عقيدة الشيعة عقيدة سريّة يظهرها أحد هذا اليوم، نحن نعتقد مثلا بعصمة زيد أو عمْر وهذا ليس بمبين في كتب الاعتقاد!!!


إذا أردتم أن تعرفوا معتقد الشيعة ارجعوا إلى هذه المتون على مرِّ العصور، فلا يوجد قرن من القرون إلا ولكبير من أكابر علماء الشيعة متنٌ عقدي صنف في ذلك القرن، ومن أتقن ما صُنف من المتون وإن لم يُصنف متناً عقديا، إلا أنه أتقن ما صنفه علماء الإسلام على مرِّ العصور فيما أعلم في بيان العقيدة، ما صنفه أو ما كتبه الشيخ الأنصاري رحمه الله ضمناً في كتاب (الرسائل في فرائد الأصول). ومع أن الكتاب ليس مصنفا لبيان الاعتقاد ، بل هو مصنف لبيان مسائل أصول الفقه ولكن الشيخ الأنصاري رحمه الله في ضمن هذا الكتاب تعرض لبيان المعتقد، فبيّن في هذا الكتاب بياناً تأسيسيا متقنا لم يُسبق إليه فيما نعلم، ولا يوجد في كتب المسلمين بيانٌ أتقن من هذا البيان الذي ذكره الشيخ الأنصاري في الجهة التي نتكلم عنها، أي في تأصيل حدود المعتقد، وما الذي يجب اعتقاده.


إذا عرفت هذه المقدمة تعلم أنّه يمكنك الرجوع إلى المتون الاعتقادية للشيعة لِتعرف الذين يعتقد الشيعة بعصمتهم، والذين لا يعتقد الشيعة بعصمتهم، والذين بينت المتون العقدية عصمتهم هم الأنبياء والأئمة عليهم السلام. وتوجد دلائل عقلية تُثبت العصمة ودلائل نقلية، وأهم الدلائل العقلية ما يرتبط بالحكمة من الوظيفة التي جُعِلت لهذا العبد أو ذاك سواءٌ كان هذا العبد من الملائكة أم كان من البشر.

جبريل عليه السلام هو أمين الوحي، والعقل يشترط في جبريل أن يكون معصوماً؛ لأنه إذا لم يكن معصوما ينتقض الغرض من جعله أمينا للوحي، فإذاً جبريل معصومٌ بحكم العقل، إذا كان الذي جعل جبريل أمينا على الوحي حكيما فلا بد أن يكون جبريل معصوم. فإذاً الدليل الدال على حكمة الله مع كون جبريل أمينا للوحي يُثْبت أن جبريل معصوم. ميكال، لا نعرف ما هي الوظيفة التي جُعِلت لميكال ويُشترط فيها أن يكون معصوما، فالعقل يسكت هنا ويقول لا أدري، ولكن الشرع تكلم قال الله تعالى في وصف الملائكة عامة : (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) فميكال معصومٌ وليست العصمة شرطا في ميكال بحكم العقل، ولكنها ثابتةٌ بدلالة الشرع، والقرآن أخبر عن عصمة ميكال وإن كان العقل لا يشترط في ميكال أن يكون معصوماً، ولا يشترط في عزرائيل أن يكون معصوماً، ولكن الشرع دل على أنهم جميعا معصومون.


فإن دلّ العقل على اشتراط عصمة أحدٍ أثبتنا عصمته، وإن وجدنا الشرع ساكتاً عن بيان عصمته، لماذا ؟ لأن العقل يحكم بضرورة عصمته .

لو لم يقل الله تعالى في حق الملائكة : (لا يعصون الله ما أمرهم) لو - وفرض المحال ليس بمحال- .. قبل أن تأتي هذه الآية .. قبل نزول هذه الآية ، لو سألت باحثاً في الأديان: هل جبريل معصوم؟ إذا كان باحثا فطنا سيقول لك نعم . لماذا؟ لأن جبريل أمين الوحي، فدلّ العقل على لزوم عصمته، فإذا دل العقل على لزوم عصمة أحد قلنا بعصمته، وإن لم يدل العقل على أن العصمة شرط فيه فماذا نصنع؟ نقول نتبع الشرع إن دلنا، فإن جاءنا بيان من الشرع يثبت عصمته، فنحن عبيدٌ للشرع نُثْبت ما أثبته الشرع ، وإن لم نجد في كلام الشرع ما يُثبت عصمة هذا أو ذاك ، نسكت: لا نثبت ولا ننفي .

هذه هي القاعدة العلمية التي على أساسها نحكم بعصمة أحدٍ أو بعدم عصمته، أو نسكت عن الكلام في عصمته وفي عدمها.


التالي السابق